تشكل الزيارة الرسمية لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، إلى الجمهورية الإيطالية ودولة الفاتيكان، محطة دبلوماسية وحضارية بارزة في إطار السياسة الخارجية الحكيمة لمملكة البحرين بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المعظم، حفظه الله ورعاه، ودورها الريادي في ترسيخ قيم التسامح والحوار بين الأديان والثقافات وتعزيز السلام الإقليمي والدولي.
وتبرز أهمية الزيارة في توطيد أواصر التعاون والصداقة التاريخية بين مملكة البحرين والجمهورية الإيطالية، الممتدة لأكثر من خمسة عقود منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية، وما تحمله من آفاق أرحب لتطوير الشراكة الاستراتيجية وعقد اللقاءات والمباحثات الرسمية مع كبار المسؤولين الإيطاليين، على نحو يسهم في ترسيخ التعاون المتنامي مع دول الاتحاد الأوروبي، ويستند إلى مبادئ الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، والحرص على إرساء دعائم الاستقرار والازدهار العالمي، لاسيما مع انتخاب المملكة عضوًا غير دائم في مجلس الأمن الدولي للفترة (2026-2027).
ويأتي اللقاء التاريخي مع قداسة البابا لاوُن الرابع عشر، بابا الفاتيكان، ليمثل إضافة نوعية لمسيرة التعاون المثمر مع الكرسي الرسولي في تكريس ثقافة الحوار والسلام، وإبراز القيم الإنسانية المشتركة للأديان في نشر روح المحبة والوئام والأخوة الإنسانية، ونبذ العنف والتطرف والكراهية. وقد تعزز هذا التعاون في أبهى صوره خلال الزيارة التاريخية للبابا الراحل فرنسيس إلى البحرين ومشاركته في ملتقى البحرين للحوار "الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني" برعاية ملكية سامية في نوفمبر 2022، وإشادته بالنموذج البحريني في التعددية والتعايش السلمي.
وانطلاقًا من الرؤية الملكية المستنيرة، وما تحمله تحركات سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء من رسائل إنسانية ودبلوماسية، يواصل مركز الملك حمد العالمي للتعايش والتسامح أداء رسالته الحضارية في نقل قيم البحرين إلى العالم، استنادًا إلى مبادئ "إعلان مملكة البحرين" لحرية الدين والمعتقد، عبر مبادرات دولية رائدة مثل كرسي الملك حمد للحوار بين الأديان والتعايش السلمي بجامعة سابينزا الإيطالية، والإشراف على جائزة الملك حمد للتعايش والتسامح، إضافة إلى برامجه التعليمية والتدريبية لتمكين الشباب وتعزيز الوعي المجتمعي بالشراكة مع منظمات ومؤسسات دولية مرموقة.
وفي هذا الإطار، يعتز المركز بمشاركته مؤخرًا في المؤتمر البرلماني الثاني بشأن الحوار بين الأديان في روما، حيث تبنى المجتمعون مقترحه بإعداد وثيقة إنسانية عالمية للتعايش، وذلك بعد اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة مبادرة المملكة بشأن إقرار اليوم الدولي للتعايش السلمي، فضلًا عن تقدير المؤسسات الدينية والأكاديمية والفكرية والإعلامية الدولية لبرامج المركز التعليمية المتخصصة بالتعاون مع جامعة السلام التابعة للأمم المتحدة، ومؤسسة جُويا للتعليم العالي في مالطا، والاتحاد البرلماني الدولي، ومؤسسات إقليمية وعالمية أخرى.
إن زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، إلى إيطاليا والفاتيكان تجسد حرص مملكة البحرين على مد جسور الحوار الحضاري والتفاهم الدبلوماسي، وترسيخ ثقافة العيش المشترك بين الشعوب والثقافات، في إطار التزامها الراسخ بقيم التعايش السلمي والأخوة الإنسانية واحترام التنوع الديني والثقافي، ومن ثم تكريس مكانتها الرفيعة كواحة للحريات الدينية، ومنصة عالمية للحوار بين الشرق والغرب، وشريك فاعل في بناء مستقبل عالمي يسوده الأمن والسلام والازدهار للبشرية جمعاء.